عائدات مالية ضخمة من مهنة الطب وتعويضات مؤسسات الحماية الاجتماعية.. تفاصيل حصرية حول إطاحة الديستي بشبكة الأطباء المزورين بسلا ومكناس

أفريقيا بلوس : هيئة التحرير

يبدو أن ملف شبكة الأطباء المزورين الموقوفين بمدينتي سلا ومكناس يَشِي بالكثير من التفاصيل الصادمة، تورط فيها أشخاص انتحلوا صفة ينظمها القانون، والأمر يتعلق هنا أساسا بممارسة مهنة الطب التي تتطلب الدراسة والمعرفة المعمقة ثم الشواهد العلمية. إلا أن الشبكة المفككة يوم الأربعاء المنصرم، قد وجدت ضالتها في الطب وجراحة الأسنان بغرض الاغتناء السريع.
وبناء على معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الأربعاء، من توقيف 07 أشخاص ينشطون بمدينتي سلا ومكناس، من بينهم معتقلان سابقان بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وذلك للاشتباه في ارتباطهم بشبكة إجرامية متخصصة في التزوير واستعماله والنصب والاحتيال وانتحال صفة ينظمها القانون بغرض الاستيلاء على أموال عامة ومزاولة مهنة طب وجراحة الأسنان بدون ترخيص أو سند قانوني، والمس بالسلامة الصحية العامة للمواطنين.
وبحسب ما كشفت عنه مصادر مطلعة على سير التحقيقات الأولية، فإن اثنين من الموقوفين، وبتواطؤ مع ثلاثة أطباء أسنان تم القبض عليهم في سياق القضية نفسها، عمدوا إلى انتحال وظيفة طبيب أسنان ومارسوا جميع العمليات ذات الصلة في عيادات بمدينة سلا، حيث اعتادوا إخضاع ضحاياهم لتدخلات جراحية في انتهاك صارخ للقوانين المنظمة لممارسة المهنة، مما تسبب في أمراض ومضاعفات خطيرة للعديد منهم، وفق ما نُشِرَ في بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية وقت الإعلان عن تفكيك الشبكة المذكورة.
وبالاستناد دائما إلى ذات المصادر، فإن العقل المدبر لهذه الشبكة يعمل كتقني في صناعة أطقم الأسنان، انتحل بدوره صفة طبيب أسنان، ويمارس المهنة بشكل غير قانوني منذ عام 1994، وهو ما مكنه من جني أرباح كبيرة لدرجة أنه افتتح أربع عيادات في سلا يديرها بنفسه بمساعدة شركائه، الغير مؤهلين علميا ولا قانونيا لتزويده بهذه المساعدة. ولقاء خدماتهم المقدمة له، يحرص طبيب الأسنان المزور”الرئيس” على توزيع عمولات سخية على عناصر طاقمه حسب رقم المعاملات المحقق.
وبجانب عيادات الأسنان المفتوحة بسلا، فقد تمكنت الشبكة إياها من افتتاح عيادتين إضافيتين بذات المدينة عام 2019 بفضل المكاسب المالية الضخمة. وهذه المرة، أبرم العقل المدبر للشبكة صفقة مع أحد جراحي الأسنان المشطوب على اسمه من نقابة أطباء الأسنان مطلع نفس السنة. إلا أن انضمامه لشبكة الأطباء المزورين أكسبه أرباح مالية مهمة.
وتماديا في إجرامهم، تستطرد نفس المصادر، تحركات شبكة الأطباء المزيفين لم تقتصر فقط على تقديم علاجات خفيفة لضحاياهم أو خلع الأسنان أو حتى وصف الأدوية، بل كانوا يجرون تدخلات جراحية أسفرت بعضها عن حدوث مضاعفات قرروا إثرها إخضاع ضحاياهم لعمليات جراحية أخرى وبالمجان مخافة افتضاح أمرهم.
وبعدما حصدوا خبرة كبيرة في الاشتغال بشكل غير قانوني، قررت الشبكة توسيع خدماتها عبر افتتاح عيادة أسنان أخرى بحي الأمل بسلا مجهزة بأحدث المعدات الطبية. وضمانا لتعويضات مؤسسات الحماية الاجتماعية، ارتأى جراح الأسنان الممنوع من ممارسة المهنة الاستعانة بأحد أصدقائه طبيب بدوره قيد الممارسة، للاستفادة من ختمه ورقمه الوطني الاستدلالي في عمليات ملأ استمارات التعويضات مقابل عمولات مالية متفق عليها سلفا.
التحايل على القانون لم يقف عند هذا الحد، فقد بدأ متزعمي الشبكة في تحرير ملفات طبية مزورة منتصف عام 2022، حيث تلقى صندوق الضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ما يوازي 3000 ملف طبي مزور تخص العيادات المذكورة بقيمة تتجاوز 10 ملايين درهم، كان صندوق الضمان الاجتماعي قد رفض 800 منها بلغ مجموعها 2 مليون درهم.
وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لا تزال التحقيقات جارية في القضية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، ما ينذر بالكشف عن مزيد من التفاصيل في القادم من الأيام بشأن التحركات المشبوهة لشبكة أطباء الأسنان المزيفين التي أطاحت بها يقظة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*