أكدت وزارة الزراعة الفرنسية لوكالة فرانس برس أن “شوكولاتة الدهن الجزائرية المرجان” التي حققت رواجا كبيرا على الشبكات الاجتماعية في فرنسا، محظورة في الاتحاد الأوروبي، موضحة أن تحقيقا يجري حاليا لتحديد أسباب استمرار وجود هذا المنتج في السوق الفرنسية.
وأشارت الوزارة إلى أنه “في ظل عدم استيفاء الجزائر جميع الشروط اللازمة” للسماح لها “بتصدير سلع تحتوي على مشتقات حليب مخصصة للاستهلاك البشري إلى الاتحاد الأوروبي بحسب المتطلبات الأوروبية المتعلقة بالصحة الحيوانية وسلامة الغذاء”، فإن “استيراد هذه السلعة ليس مسموحا بموجب الإطار التنظيمي المعمول به”.
وكانت سلسلة المتاجر الفرنسية العملاقة “كارفور” قد أعلنت لوكالة فرانس برس الخميس أنها تريد “طرح منتجات +المرجان+ الشهيرة” المصنوعة من شركة “سيبون” الجزائرية، في متاجرها “خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع”.
ولفتت وزارة الزراعة الفرنسية إلى أن تحقيقا فُتح “من أجل تحديد آليات التحايل التي ربما سمحت حتى الآن بطرح هذه السلعة في السوق” المحلية.
وبحسب المصدر نفسه، فإن “شحنتين (من منتجات المرجان”) محتجزتان حاليا عند نقاط التفتيش الحدودية الفرنسية”.
وتحظى شوكولاتة “المرجان” القابلة للدهن بتغطية إعلامية كبيرة في فرنسا، خصوصا في ظل الرواج الكبير الذي حققته عبر حسابات لمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقبل بيان الوزارة الفرنسية يثير منع الشكولاتة القابلة للدهن “المرجان” من دخول الأسواق الأوروبية، جدلا واسعا منذ أيام.
قصة المنع بدأت يوم الجمعة الماضي، عندما رفضت الجمارك الفرنسية الترخيص لشحنة تحمل الشكولاتة الجزائرية من التفريغ في ميناء مارسيليا. ووفق مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، فإن المعلومات الواردة تشير إلى أن “هذا الإجراء استند إلى المادة 20، الفقرة الثالثة من لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 2020/2292”. وتتعلق هذه المادة بقائمة الدول المسموح لها بتصدير منتجات تحوي مشتقات الحليب إلى السوق الأوروبية، والتي ليس من بينها الجزائر.
والمفارقة وفق ما تحدث زبدي على صفحته الرسمية في فيسبوك، أن “المنتوج كان يتم تداوله بحرية في الأسواق الأوروبية، ولكن بمجرد أن بدأ يشكل خطرا على منتوجاتهم المفضلة، اتخذوا الإجراءات اللازمة وأجروا كل التحاليل الضرورية، ما أدى إلى صدور اللوائح التي تعيق تصديره”. وشدد مسؤول المنظمة إلى ضرورة اتخاذ قرار صارم بهذا الشأن بمجرد الحصول على الوثائق الرسمية التي تؤكد قرار المنع.
وسائل الإعلام الفرنسية التي تفاعلت بشكل واسع مع شهرة المنتوج الجزائري، توقفت عند قرار منعه أيضا بتفاصيل أكثر. وذكرت صحيفة لابروفانس المحلية في مارسيليا، أن الجزائر ليست من بين الدول المدرجة في القائمة التي أقرها تنظيم الاتحاد الأوروبي رقم 2021/405، والتي تسمح لعدد قليل من الدول بتصدير منتجات الحليب أو المنتجات التي تحتوي على الحليب إلى السوق الأوروبية.
لكن الصحيفة أشارت إلى مفارقة كبيرة وهي أن الحليب المستخدم في مصنع “سيبون” بوهران، الذي ينتج “المرجان”، هو في الواقع مستورد من فرنسا على شكل مسحوق حليب يتم تصنيعه لاحقا في الجزائر، وبالتالي فإن مصدره أوروبي بالأساس. وأشارت لابروفانس إلى هذه القضية قد تؤدي إلى تداعيات مباشرة على تطور سوق هذا المنتج في فرنسا.
وهنا، عاد زبدي في منشور آخر على فيسبوك، ليتحدث عن وجود 3 أسباب تدفع للاعتقاد بوجود مؤامرة وتكتل لوبيات ضد المنتوج الجزائري، وهي أن “شكولاتة المرجان يتم تسويقها منذ سنوات دون تحرك أي سلطة فرنسية، وأن لائحة القوانين التي تم الاعتماد عليها تتحدث عن حليب ومشتقاته، وعجينة الطلاء ليست من مشتقات الحليب، وأن الحليب الذي تم التحجج به والارتكاز عليه لرفض المنتوج من مصدر أوروبي! بمعنى أن بضاعتهم ردت إليهم”.
وفي الواقع، أدى الحظر إلى مفعول عكسي، حيث زادت الرغبة في الحصول على المنتج الذي وصل سعره في السوق السوداء إلى 22 يورو، أي أكثر من ضعف سعره الأصلي، و4 مرات سعر منافسه الشكولاتة الإيطالية الشهيرة “نوتيلا”. وقالت إذاعة “أر أم سي” الفرنسية في هذا السياق، إن الإعلان عن منع شكولاتة “المرجان” الجزائرية من دخول السوق الأوروبية أثار موجة من الاستياء على وسائل التواصل الاجتماعي من الجانبين، في الجزائر وأوروبا.
وأضافت الإذاعة أن بعض التعليقات على مواقع التواصل تقترب من نظرية المؤامرة، حيث يعتقد البعض أن المنتج تم حظره لحماية مصالح علامة تجارية أخرى معروفة في مجال الشكولاتة. وهناك من يذهب إلى حد القول بأن الحظر يعكس نوعا من “العنصرية ضد الجزائر”. وأشارت إلى أن مستقبل المنتج في المتاجر الفرنسية غير مؤكد، رغم أنه كان يحقق مبيعات عالية قبل فرض الحظر. وإذا عادت الشوكولاتة إلى السوق، فمن المتوقع أن يكون الاهتمام بها أكبر بكثير مما كان عليه سابقا، تختم الإذاعة.
وفي ظل هذا القرار الأوروبي الذي رآه كثير من الجزائريين مجحفا، ظهرت مطالبات بضرورة التعامل مع الاتحاد الأوروبي بحزم خاصة في ظل أن اتفاق الشراكة الذي يربط الجزائر به، يصب في مصلحة الشركات الأوروبية بشكل كبير. فالجزائر التي لا تصدر سوى البترول والغاز لدول الاتحاد، وتستورد منهم كل شيء تقريبا بمعدل 15 مليار دولار سنويا. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد دعا قبل سنتين إلى ضرورة مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بندا بندا، كونه يعد مجحفا في حق الجزائر.
بالمقابل، رأى آخرون أن هذا المنع يعد فرصة في حد ذاته لإيجاد أسواق أخرى لهذا المنتج خاصة في الدول العربية وآسيا وأمريكا، حيث بدأت حمّى “المرجان” تجتاح مواقع التواصل هناك أيضا. وكتب المدون يزيد أقدال في هذا المنحى يقول: “هل تستغل الشركة المنتجة لشكولاتة المرجان فرصة التراند الذي صنعته للتصدير نحو دول أخرى خارج أوروبا مثل الخليج مثلا؟ لا أذكر أن أي منتج جزائري عرف رواجا مماثلا قبل اليوم. زيادة على كون حملة المقاطعة في صالحها مقابل نوتيلا”.
ويحقق منتج شوكولاتة “المرجان” منذ أشهر، نجاحا غير مسبوق في فرنسا، جعل المتاجر أمام الطوابير الطويلة، لا تسمح بأكثر من علبتين لكل زبون. ويأتي رواج هذا المنتج الجزائري، بعد حصوله على دعاية مجانية على مواقع التواصل من قبل كبار المؤثرين، ما ولّد ارتفاعا قياسيا في المبيعات، وصل إلى حد تهديد عرش “نوتيلا”، بعدما أظهر استطلاع شمل عينة من الفرنسيين أن 75% منهم أكدوا أن المرجان أفضل بكثير من العلامة الإيطالية، وفق استطلاعات للرأي. ويتكرر كثيرا على لسان من جرّبوا المرجان، أنها تذكرهم بطعم كيندر بوينو، وهو ما يداعب ذكريات سعيدة في طفولتهم.
وفي فرنسا تحتل منتجات “نوتيلا” المصنوعة من شركة “فيريرو” العملاقة الصدارة في هذا المجال، إذ تستحوذ على أكثر من ثلاثة أرباع سوق الشوكولاتة القابلة للدهن في محلات السوبرماركت، وفق بيانات اتحاد القطاع.
وقالت شركة “فيريرو” لوكالة فرانس برس إنها باعت “نحو 90 مليون علبة نوتيلا في فرنسا” العام الماضي، أي أقل بقليل من ثلاث عبوات (2,85) كل ثانية.
قم بكتابة اول تعليق