تم، اليوم الثلاثاء بمدينة مومباسا الكينية، تسليط الضوء على استراتيجية المملكة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وذلك في إطار أشغال المؤتمر السادس عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة، المنعقد من 29 يناير إلى 2 فبراير.
وأبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، صلاح التيزاري، في كلمة ضمن أشغال هذا المؤتمر، أن المملكة المغربية عملت، في إطار استراتيجيتها الوطنية الشاملة والمندمجة، المعتمدة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على تكثيف الآليات الوقائية والزجرية مع تعزيز وضمان ثقافة حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.
وأوضح السيد التيزاري في هذا الصدد أن المملكة اتخذت تدابير اجتماعية تنموية وثقافية، وعيا منها بتأثير الخلل الاجتماعي في تغذية التطرف والفكر المتشدد، مشيرا في هذا السياق إلى إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للقضاء على الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي.
وأبرز، خلال هذا الحدث الذي تشارك فيه المملكة بوفد تقوده السيدة جميلة صدقي، المستشارة برئاسة النيابة العامة، والمحامية العامة لدى محكمة النقض وعضو المحكمة الإدارية للاتحاد الإفريقي، أن إصلاح الحقل الديني شكل مدخلا مهما لمواجهة التطرف العنيف، وذلك من خلال تحصين ثوابت الهوية الدينية المغربية واعتماد سياسة القرب الديني، لافتا في هذا السياق إلى زيادة عدد المجالس العلمية المحلية وإحداث مجلس علمي خاص بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وتكوين نساء مرشدات، مع إخضاع تعيين القيمين على الشأن الديني لمسطرة خاصة، وإلزامهم بضرورة احترام الضوابط المسطرة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وتوقف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أيضا عند تكريس منظومة قيم بديلة لتلك التي يروج لها أصحاب الفكر المتطرف العنيف، موضحا أنه قد تمت في هذا الإطار، الاستعانة بالإعلام للتواصل مع الرأي العام وتحسيس المواطنين بمخاطر التطرف العنيف.
كما شدد على الدور الهام للحكامة الأمنية الاستباقية، التي أثمرت نتائج إيجابية، تتمثل في إحباط وتفكيك مجموعة من الخلايا الإرهابية قبل شروعها في تنفيذ مخططاتها الإرهابية، لافتا إلى أن المملكة المغربية أرست سياسة جنائية مكملة للسياسة الأمنية، وذلك عبر تعزيز الإطار القانوني لزجر مختلف أشكال الإرهاب وتمويله وإرساء تعاون أمني وقضائي فعال من أجل التصدي لهذه الظاهرة.
من جهة أخرى، أبرز المسؤول القضائي المغربي أن المملكة اعتمدت الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب، وفق مقاربة شاملة تستحضر نظريتي الردع والإصلاح، مشيرا إلى أن المؤسسات السجنية تلعب في هذا الإطار دورا محوريا في تفعيل الدور الإصلاحي والتربوي للعقوبة، وفي إعادة التأهيل والإدماج.
وسلط الضوء في هذا السياق على برنامج” مصالحة”، الذي انخرطت فيه مجموعة من القطاعات والمؤسسات الوطنية، والذي يهدف بالأساس، إلى ” مصالحة المعتقل أولا مع نفسه، ثم مع المجتمع، والأهم من ذلك، مصالحته مع الخطاب الديني، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال، وذلك من خلال مراجعة فكرية لإيديولوجياته المغلوطة وإعادة إدماجه”.
وخلص السيد التيزاري إلى التأكيد على أهمية إشراك المجتمع في هذه العملية، بالنظر لدوره الهام في الوقاية من هذه الظاهرة، وذلك تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 2178 المتعلق بالمقاتلين الأجانب، والذي يدعو كافة الدول إلى تعزيز جهود مكافحة التطرف العنيف و اتخاذ خطوات لتقليص خطر التحول من التطرف إلى الإرهاب، وذلك من خلال إشراك المنظمات المحلية ذات الصلة بالموضوع و نهج أساليب لمجابهة الفكر المتطرف.
قم بكتابة اول تعليق