في زمن تتقاطع فيه سرعة الأخبار مع طوفان المعلومات الزائفة، يبرز سؤال محوري: ما قيمة الإعلام إذا فقد المصداقية؟ للأسف، بعض من يُطلق عليهم “أشباه المراسلين” يساهمون في تضليل الجمهور، بينما يظل الحاقدون متفرجين يسجلون كل نجاح بمبدأ المقارنة السلبية. هذا المقال يحاول تفكيك ظاهرة الإعلام المشوّه والحقد المجتمعي المرتبط بها، مسلطًا الضوء على أهمية المهنية والالتزام بالقيم الأساسية للصحافة.
_أشباه المراسلين: ضحية الشهرة أم خطر على الحقيقة؟
يشهد المشهد الإعلامي اليوم تزايدًا في عدد من يُعرفون بأشباه المراسلين، هؤلاء الذين يركزون على الشهرة أكثر من نقل الحقائق. السرعة في نشر الخبر أحيانًا تصبح أداة للتأثير بدلًا من الخدمة المجتمعية. ويصبح الجمهور متلقيًا لمعلومات غير دقيقة، مما يضعف الثقة في الإعلام ككل. هنا يتضح أن المهنية لا تعني فقط القدرة على الوصول إلى الخبر، بل القدرة على تقديمه بنزاهة وموضوعية.
— د. سامي العلوي، خبير في الإعلام والاتصال
“أشباه المراسلين ليسوا مجرد ظاهرة فردية، بل انعكاس لتراجع القيم المهنية في الإعلام الحديث. المصداقية هي العملة الحقيقية لأي صحافي، والحسد أو الحقد المجتمعي لا يملك سوى القدرة على تشويه الانطباع، وليس الحقيقة نفسها.”
_الحاقدون: صدى الفشل أم تحييد النجاح؟
في المقابل، يظل الحاقدون عنصرًا لا يُستهان به، فهم يسجلون النجاح وينتظرون اللحظة المثالية لتقويضه. إن الحقد المجتمعي لا يولد إلا مرارة، ويُضعف روح التنافس الشريف، ويجعل الإنجازات تبدو أقل قيمة أمام أعين البعض. وفي ظل هذا الجو، يصبح الالتزام بالقيم والمصداقية فعلًا مقاومًا لكل محاولة للتشويه أو التقليل من الأثر الإيجابي للعمل الصحفي الحقيقي.
_المصداقية: الدرع والوسيلة
المصدرية المهنية للمراسل لا تُقاس بعدد المتابعين أو سرعة الوصول إلى الخبر، بل بقدرة المراسل على توصيل الحقيقة دون تحيّز أو مبالغة. وهنا يكمن الفرق بين الصحافة المهنية وأشباه المراسلين، وبين النجاح الحقيقي والحسد السلبي. المصداقية هي الدرع الذي يحمي الإعلام من الفوضى، وهي الوسيلة التي تجعل الجمهور يعود إلى المصدر ذاته دون شك أو ارتياب.
_دعوة للتغيير
إن المجتمع الإعلامي يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة ضبط القيم، وإلى مراسلين يحترمون دورهم، ويؤمنون بأن الحقيقة أهم من الشهرة، وأن المهنية أسمى من الإعجابات. وفي الوقت نفسه، يجب أن يدرك الحاقدون أن النجاح لا يُلغى بالحقد، وأن كل محاولة للتقليل من قيمة الآخرين لن تنتج سوى صدى سلبي يعود عليهم وحدهم.
_الخاتمة
في النهاية، أشباه المراسلين والحاقدون يذكروننا بأهمية الانضباط الأخلاقي في العمل الإعلامي، وبقيمة النجاح الحقيقي المبني على الجدية والمصداقية. الإعلام الصادق، والعمل النزيه، هما السلاحان اللذان يحميان الحقيقة من التشويه، ويجعلان كل رسالة تصل إلى الجمهور تحمل معنىً وقيمةً حقيقية.
قم بكتابة اول تعليق