—هيئة التحرير: أفريقيا بلوس ميديا /تحليل سياسي – شمال إفريقيا – العلاقات التونسية الجزائرية – القرار 2797 – الصحراء المغربية
بعد القرار الأممي 2797 الذي أكّد مغربية الصحراء، يبرز جرح تونس المنسي: أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع من أراضيها منحتها فرنسا للجزائر خلال الحقبة الاستعمارية.
الدبلوماسي التونسي السابق إلياس القصري لم يتردد في وصف هذا الصمت الرسمي بـ“خيانة للذاكرة الوطنية”، داعيًا بلاده إلى استعادة حقوقها التاريخية بشجاعة وعقلانية بعيدًا عن شعارات الأخوة الزائفة.
اليوم، بعد أن سقطت أسطورة الصحراء، باتت تونس أمام فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار لأرضها وكرامتها. الصمت لم يعد خيارًا، والحقائق التاريخية لا تُسقطها الدبلوماسية الهشة.
> الوقت قد حان لتونس كي تكتب فصلاً جديدًا من تاريخها، لا بتواطؤ، بل بالوعي والجرأة.
—تونس تكتشف جرحها التاريخي بعد سقوط “أسطورة الصحراء”
بعد القرار التاريخي رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم 31 أكتوبر 2025، والذي كرّس السيادة المغربية الكاملة على أقاليمه الجنوبية، لم يقتصر الزلزال الدبلوماسي على الجزائر فحسب، بل امتدت ارتداداته إلى تونس المجاورة، حيث كسر الدبلوماسي التونسي السابق إلياس القصري جدار الصمت، مستعيدًا واحدة من أكثر الصفحات حساسية في التاريخ المغاربي: قضية الأراضي التونسية المنهوبة من طرف الجزائر.
يقول القصري في منشوراته الأخيرة:
> «لقد حان الوقت لأن نسير على خطى المغرب في استعادة ما ضاع منا… الجزائر لم ترث أرضًا، بل ورثت جريمة جغرافية استعمارية».
هذه الكلمات، التي دوّى صداها في الأوساط السياسية والإعلامية التونسية، جاءت بعد أن اعتبر القصري أن قرار مجلس الأمن أنهى رسميًا “الخرافة التخريبية” التي استعملها النظام الجزائري نصف قرن لتبرير فشله الداخلي.
—الجزائر… دولة وُلدت من “إخفاء إقليمي استعماري”
يذهب إلياس القصري أبعد من مجرد المقارنة، ليضع الجزائر في قفص الاتهام التاريخي، متهماً إياها بأنها دولة نشأت على حساب جيرانها، وبأن فرنسا، عند رسمها للحدود، منحتها أراضي تونسية ومغربية زاخرة بالثروات.
ويشير القصري إلى أن المنطقة المسماة بـ“العرق الشرقي الكبير”، الممتدة من حصن سان إلى قارة الحمل، والتي تقدر مساحتها بـ20 ألف كيلومتر مربع، تضم ثروات نفطية ومعدنية ومائية ضخمة تشكل إلى اليوم ركيزة الاقتصاد الجزائري.
ويضيف بحدة:
> «هؤلاء الذين يسألون اليوم “وينو البترول؟” عليهم أن يعلموا أن بترولهم تحت أقدام الجزائر، وأن مياههم تُحوّل مجاريها لاستعبادهم».
—من تونس إلى المغرب… وجه واحد لسياسة استعمارية واحدة
يؤكد القصري أن ما حدث لتونس هو النسخة المكررة لما جرى للمغرب في صحرائه الشرقية، حيث منحت فرنسا مساحات شاسعة للجزائر على حساب الأراضي المغربية التاريخية بين فكيك وتوات ودرعة.
النتيجة، بحسبه، كانت واضحة:
> “نظامٌ بنى شرعيته على وهم مناهضة الاستعمار، بينما يعيش على إرثه”.
—بورقيبة والخيانة المزدوجة
منذ الاستقلال، أدرك الرئيس الحبيب بورقيبة أن ملف الحدود مع الجزائر أخطر مما يبدو.
ففي عام 1964، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع أحمد بن بلة لإعادة الإقليم المنهوب، لكن الاتفاق ظلّ حبراً على ورق. وبعد مجيء بومدين، انقلبت المعادلة كلياً، لتجد تونس نفسها مجبرة سنة 1968 على إضفاء الطابع الرسمي على الحدود المفروضة قسراً.
يقول القصري بمرارة:
> “لقد خُدع بورقيبة باسم الأخوة المغاربية، تماماً كما خُدع المغرب باسم التضامن الثوري”.
—بين الخضوع والذاكرة… تونس أمام اختبار جديد
في منشوراته الأخيرة، دعا الدبلوماسي التونسي السابق إلى استعادة الذاكرة المفقودة وفتح ملف الحدود “بشجاعة وطنية بعيداً عن عقدة الأخ الأكبر”.
ويرى أن التغاضي عن هذا الملف ليس دبلوماسية، بل خضوع سياسي، معتبراً أن من يرفض مناقشة الأراضي المنهوبة “لا يدافع عن السيادة، بل عن الجبن”.
ويقول:
> “المتعاونون مع الاستعمار غادروا، لكن خلفهم اليوم من دعاة ‘الخاوة خاوة’ يمارسون الخضوع نفسه تحت شعارات فارغة”.
—النظام الجزائري يفقد آخر أوراقه
منذ عقود، جعلت الجزائر من “القضية الصحراوية” درعاً أيديولوجياً لشرعيتها، لكنها اليوم تواجه حقيقة سياسية قاسية: العالم يعترف بسيادة المغرب على صحرائه، والجزائر تجد نفسها محاصَرة بخطاب دولي جديد يرى فيها نظاماً مسبباً للفوضى الإقليمية.
ويعلّق القصري قائلاً:
> “عندما تسقط الأسطورة، تسقط معها شرعية من صنعها”.
—واجب التاريخ ومسؤولية الجغرافيا
بالنسبة للقصري، فإن إعادة طرح قضية الأراضي التونسية ليست نزعة عدوانية، بل حق مشروع في استرداد ذاكرة وطنية سُرقت تحت غطاء الاستعمار، مؤكداً أن “الحدود التي رسمها المستعمر لا يمكن أن تكون أبدية، لأنها وُلدت من باطل”.
ويختم بتحذير دبلوماسي لافت:
> “لا السلام ولا الرشوة ولا النفط المسروق سيمنح الجزائر الاحترام أو الاستقرار. التاريخ لا يُشترى، والشعوب لا تنسى”.
—رأي هيئة التحرير – إفريقيا بلوس ميديا
إن صمت تونس الرسمي عن جرحها الحدودي لم يعُد يُفسَّر بالحكمة، بل يُقرأ كرضوخ سياسي وفقدان للبوصلة الوطنية.
فبعد أن حسم العالم في مغربية الصحراء، بات من المشروع لتونس أن تفتح ملفها مع الجزائر بشجاعة الدولة لا بخطابات المجاملة.
من حقّ الشعب التونسي أن يعرف الحقيقة: أين تبدأ أرضه وأين انتهت؟ ومن منح لجاره ما لا يملك؟
إننا في إفريقيا بلوس ميديا نعتبر أن فتح هذا الملف ليس إعلان حرب، بل إعلان كرامة.الذاكرة لا تُشطب بمرسوم، والتاريخ لا يرحم من يختبئ خلف الصمت.
إمضاء: محمد بنهيمة –مديرجريدة أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة
قم بكتابة اول تعليق