___هيئة التحرير: أفريقيا بلوس ميديا/رأي وتحليل – عدالة وقانون
غضب واسع يجتاح الشارع المغربي بعد صدور حكم وُصف بالفضيحة القضائية، يقضي بخمسة عشر سنة سجناً فقط لقاصرٍ اغتصب طفلةً بريئة وقتلها بوحشية لا توصف. الناس ما قدراتش تفهم كيفاش يمكن لقانونٍ في بلدٍ يُقال إنه “دولة الحق والقانون” أن يُعامل قاتلاً بدمٍ بارد على أنه مجرد “طفل يحتاج إلى إصلاح”. الجريمة صادمة، والصدمة الأكبر هي الحكم. طفلة اغتُصبت، قُتلت، ودُفنت، ثم خرج القانون ليقول بكل برود: “الفاعل قاصر… أقصى ما يمكننا فعله هو خمس عشرة سنة!”
القاضي ما دارش الغلط، بالعكس طبّق النص كما هو، لكن المشكل الحقيقي كاين فالقانون نفسُه، لأن التشريع المغربي لا يسمح بتجاوز العقوبة القصوى المحددة في خمس عشرة سنة في حق أي قاصر، مهما كانت الجريمة، بحكم أن الفلسفة الجنائية للأحداث مبنية على “الإصلاح لا العقاب”، باعتبار أن القاصر كائن قابل للإدماج وإعادة التربية. غير أن السؤال اللي كيبقى مطروح هو: واش فعلاً ممكن “إصلاح” اللي يغتصب طفلة ويقتلها بدمٍ بارد؟ واش اللي فقد إنسانيته ما كيعرفش شنو دار؟ المغاربة كيسولو اليوم بمرارة: فين العدل؟ واش السنّ أخف من الدم؟
الناس ما كيطالبوش بالانتقام، كيطالبو بالعدالة. عدالة تحمي الأطفال وتردع المجرمين، ماشي عدالة كتختبئ وراء كلمة “قاصر”. كيف يُعقل أن طفلة تموت في عزّ براءتها، والفاعل يخرج بعد خمس عشرة سنة يعيش حياته وكأن شي ما وقع؟ هاد النوع من الأحكام كيزرع الإحباط وكيضعف الثقة فالمؤسسات القضائية، وكيخلي الإحساس العام أن القانون فقد بوصلته الأخلاقية. لذلك، المغاربة اليوم كيطالبو بمراجعة القانون الجنائي المغربي باش العدالة تولّي منصفة فعلاً وتواكب الواقع اللي تبدّل بزاف.
الواقع تبدّل، والجرائم تبدلات، وحتى مفهوم “القاصر” تبدّل. ما يمكنش تبقى نفس النصوص القديمة تحكم جرائم جديدة أكثر وحشية وتعقيداً. خاصّ القانون يفرّق بين قاصر ارتكب خطأ ببراءة، وقاصر ارتكب جريمة بدمٍ بارد وبنية واضحة للقتل. العدالة الحقيقية خاصها تكون متوازنة: فيها الرحمة للمستحق، والردع للوحش اللي فقد إنسانيته. حماية الطفولة ما كتكونش بالشعارات، كتكون بالنصوص القوية والعقوبات اللي تردع قبل ما تداوي.
القاضي ما خان العدالة، لكن القانون هو اللي خذلها. اليوم، القانون كيبان وكأنه يبتسم للقاتل لأنه قاصر، والناس عندها الحق تسوّل: من يحمي الطفولة في بلادنا إذا كان القانون أول من خذلها؟
نحن في جريدة أفريقيا بلوس ميديا، نعبّر عن صرخة الشارع المغربي، ونطالب بمراجعة شاملة للقانون الجنائي الخاص بالأحداث، وبسنّ عقوبات تتناسب مع خطورة الجرائم لا مع عمر الجاني. لأن دماء الأطفال ما خاصهاش تكون مجرد ملف قانوني بارد، بل قضية وطنية تمسّ ضمير المجتمع وعدالته.
نُشر على صفحة Chouf Live – تصنيف: قضايا المجتمع / عدالة / رأي وتحليلالضمير ما يرتاحش… حتى يتصلح القانون.
إمضاء: محمد بنهيمة – مديرجريدة أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة
قم بكتابة اول تعليق