فضيحة اللجنة المؤقتة للصحافة.. عبث بلا شرعية يهدد المهنة والدولة

جريدة أفريقيا بلوس ميديا

مقال رأي تحليلي تحقيق صحفي

“اللجنة التي انتهت صلاحيتها… ولم تنتهِ شهيتها.. فضيحة تُهين القضاء والصحافة والمال العام!”

لم يعد ما يجري داخل ما يُسمّى بـ“اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر” مجرد تجاوزات عابرة، بل تحوّل إلى فضيحة مؤسساتية كاملة الأركان تُهين الدولة قبل أن تُهين الصحافيين، اللجنة، التي انتهت ولايتها القانونية مع بداية أكتوبر، ما زالت تتصرف وكأن البلاد بلا قوانين، وكأن المؤسسات مجرد ديكور، وكأنها فوق الدولة وفوق الدستور وفوق الشعب.

استمرار اللجنة في إصدار البلاغات واتخاذ القرارات بعد انتهاء صلاحيتها القانونية ليس مجرد خطأ إداري، بل هو انتحال صفة وممارسة لاختصاصات عمومية دون أي سند قانوني، ما يعرّض أعضائها للمساءلة المباشرة، كيف للجنة فقدت صفتها أن تتحدث باسم قطاع كامل، تهدد صحافيين بالملاحقة القضائية، وتتحكم في بطائق الصحافة والدعم العمومي؟ بأي شرعية؟ أم أن وجود يونس مجاهد، السياسي المخضرم، يمنحها شعوراً بأنها محصّنة من القانون والمحاسبة؟

الرواتب الخيالية التي تُتداول حولها تزيد المشهد قبحًا. بينما يكافح الصحافيون من أجل بضع دراهم، يتقاضى رئيس اللجنة ما يقارب 70 ألف درهم شهريًا، ويحصل باقي الأعضاء على 30 و40 ألف درهم، إضافة إلى تعويضات وملحقات غامضة لا يعرف تفاصيلها سوى النخبة المالية. لجنة بلا شرعية تستنزف المال العام بلا سقف… فساد واهانة لقطاع كامل.

ثم تأتي الفضيحة الكبرى: الفيديو الذي نشره الصحافي حميد المهداوي، والذي كشف اجتماعًا للجنة الأخلاقيات وهي تتآمر بوضوح لحرمان صحافي ومؤسسة إعلامية من حقوقهما المهنية والدعم العمومي بمنطق انتقامي بعيد عن القانون والأخلاق، الأخطر تلميح بعض الأعضاء إلى التدخل في القضاء ومحاولة إقحام رئاسة النيابة العامة في تصفية حسابات مهنية، فضلاً عن استعمال ألفاظ دنيئة وعبارات تحقيرية بحق المحامين، هذه ليست إساءة لمهنة الصحافة فقط، بل اعتداء سافر على استقلال القضاء.

القضية وصلت إلى البرلمان، حيث وجّهت برلمانية عن اليسار سؤالًا عاجلًا إلى الوزير محمد مهدي بنسعيد، لتحوّل الملف من فضيحة مهنية إلى قضية سياسية وقانونية تُهدد مصداقية الدولة، المغرب اليوم أمام لجنة تعمل بلا شرعية، تصدر البلاغات بلا صفة، توجه تهديدات بلا حق، وتحاول التأثير على القضاء بلا خجل.

هذا وضع شاذّ لا يمكن أن يستمر، خرق خطير للضوابط القانونية، وإهانة لقطاع كان ينتظر تنظيماً، فوجد نفسه وسط مستنقع من الغموض والامتيازات، الصحافة المغربية اليوم لا تحتاج إصلاحًا لطيفًا، بل اجتثاثًا جذريًا لأورام استوطنت في مؤسساتها واستغلت اللجنة المؤقتة كغطاء لقتل المهنة من الداخل.

التاريخ لن يرحم هذه اللجنة، والقانون يجب أن يتحرك. القطاع بحاجة إلى تنظيف شامل يبدأ بحل اللجنة ومحاسبة أعضائها إذا ثبت أن الفيديو الذي نشره الصحافي حميد المهداوي غير مفبرك، ووقف نزيف المال العام، وإعادة الاعتبار لمهنة الصحافة. ما حدث ليس مجرد فضيحة، بل هو سقوط مدوٍّ للّجنة التي كانت تدّعي الالتزام بالأخلاق، فإذا بها تتحوّل إلى أكبر تهديد لمبادئ المهنة ولسُمعة البلاد.

 

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*