بوسكورة… السلطة “حاضرة وغائبة” في آن واحد: من يحكم فعلاً؟ ومن يحاسب الفوضى التي تنمو برخصة الصمت؟”

✍️بقلم: محمد بنهيمة_جريدة أفريقيا بلوس ميديا

تحقيق صحفي – قضايا محلية – مساءلة سلطات ترابية – فوضى عمرانية واجتماعية

في بوسكورة، المشهد لم يعد يحتاج إلى كاميرا خفية ولا إلى تقرير مفبرك ليكشف سوء التدبير؛ فالفوضى هنا تتكلم بلغتها الخاصة، وتكشف أكثر مما تخفي، ما يحدث داخل هذه المنطقة لم يعد مجرد تجاوزات فردية أو أخطاء إدارية… بل صار منظومة كاملة تُدار بخيوط غير مرئية، بينما السلطات التي يفترض بها حماية القانون اكتفت بدور المتفرج، أو لنقل بدور “الحاضر الغائب” الذي يرى كل شيء ويتصرف وكأنه لا يرى شيئاً.

المواطنون يتساءلون بمرارة: هل سلطات بوسكورة فعلاً خارج التغطية؟ أم أنها داخل كل التفاصيل ولكنها تفضّل الصمت لأنه الخيار الأكثر راحة؟ كيف يمكن أن تستمر الفوضى العمرانية، والغموض الإداري، وتضارب القرارات، والانفلات التنظيمي… دون أن يرفّ جفن للمسؤولين الترابيين؟ هل يعقل أن يتحرك “الظل” أسرع من السلطة؟ وأن يصدر القرار من خارج المكاتب بينما الموظفون فقط يوقعون في النهاية؟

إن المسؤولية القانونية واضحة: السلطة المحلية هي أول جهة مكلفة بتطبيق القانون، وردع التجاوزات، ومراقبة المجال، ومنع المتلاعبين من تحويل المدينة إلى سوق مفتوح للنفوذ والمصالح الخاصة، ومع ذلك، يبدو أن بعض المسؤولين اختاروا الطريق الأسهل: ترك الفوضى تتكاثر، والتجاوزات تتناسل، والملفات تُطوى بصمت، والقرارات تُطبخ بعيداً عن الأعين، بينما المواطن يدفع الثمن وحده.

لا يمكن أن يتطور هذا النوع من العبث دون غطاء، ودون ضعف إرادة، ودون غياب صريح للحزم الإداري، فحين يصبح كل شيء “مسموحاً” بالصمت، وحين تتحول التجاوزات إلى أمر واقع، وحين يجد المواطن نفسه في مواجهة نفوذ أقوى من مؤسسات الدولة… يصبح السؤال مشروعاً: هل بوسكورة تُحكم بالقانون أم تُدار بالترضيات؟ هل اليد التي توقّع هي فعلاً اليد التي تقرّر؟ أم أن هناك من يمسك بالخيوط من خارج المؤسسات، بينما السلطة الرسمية تؤدي دور الواجهة فقط؟

إن المشاهد اليومية التي يعيشها السكان—من الفوضى العمرانية، إلى الأنشطة غير القانونية، إلى غياب الرقابة، إلى الانتقائية في تطبيق القانون—هي شهادة حية على أن المشكل ليس في المواطن، بل في غياب سلطة قوية نزيهة تعيد النظام إلى مكانه الطبيعي. فمن غير المقبول أن تظل بوسكورة منطقة “مفتوحة” لكل أشكال العشوائية بينما الدولة تبني نموذجاً جديداً للحكامة والتدبير والصرامة القانونية.

إذا كانت السلطات تعرف ما يجري وتسكت، فتلك مصيبة. وإذا كانت لا تعرف، فالمصيبة أعظم. فالمواطن لا يطالب بالمستحيل؛ يطالب فقط بأن يرى سلطة تُمارس سلطتها، ومسؤولين يحمون القانون بدل حماية الصمت، وقرارات تصدر من المكاتب الرسمية لا من خلف الستار، وتدبيراً شفافاً لا مكان فيه للغموض ولا للنفوذ الذي يتصرف كما يشاء.

لقد آن الأوان لطرح السؤال مباشرة، بلا تلميح وبلا لفّ: من يحكم بوسكورة فعلاً؟ ومن يملك الجرأة ليفتح الملفات التي يعرف الجميع أسماءها؟ ومن يتحمّل المسؤولية عن كل ما يحدث داخل هذه المنطقة التي يبدو أنها تعيش بقانون خاص… قانون “السيبة الحديثة” التي تجد من يرعاها ومن يغضّ الطرف عنها؟

إن بوسكورة اليوم تحتاج سلطة حقيقية لا سلطة شكلية، تحتاج مسؤولين يُحاسبون قبل أن يطلبوا من المواطنين احترام القانون. تحتاج يقظة، وحزماً، ومتابعة، وتطبيقاً صارماً للقانون دون انتقائية. فإمّا أن تكون الدولة دولة… أو نترك للظل أن يصبح هو الحاكم الفعلي.

✍️إمضاء: محمد بنهيمة_ مدير جريدة أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة

جميع الحقوق محفوظة – أفريقيا بلوس ميديا

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*