تفاصيل فاجعة الدار البيضاء.. شرطي يقتل طبيبة ثرية ويكاد ينتحر أمام أعين زملائه!

بقلم:✍️ محمد بنهيمة – مدير موقع أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة

الدار البيضاء – مساء الجمعة الماضي، شهدت المدينة حادثة مأساوية هزّت المجتمع المغربي حين تحولت علاقة عاطفية بين شرطي وطبيبة إلى جريمة قتل مروعة، وأثارت صدمة كبيرة داخل صفوف الأمن والمجتمع المدني على حد سواء.

-الواقعة: صراع المال والعاطفة يتحول إلى مأساة

وفق الأبحاث الأولية والتحريات التي حصلت عليها “الصباح”، فإن الخلاف بين الطرفين كان متشابكًا بين المال والعاطفة، وكان العامل النفسي حاسمًا في تصاعد الأزمة. الضحية، طبيبة من مواليد 1986، تنتمي إلى أسرة ثرية بمحمدية، كانت في علاقة عاطفية مع شرطي يعمل في فرقة الدراجين، مطلق وفي بداية الثلاثينات من عمره.

مصادر أمنية أكدت أن الضحية، التي كانت قد مرت بتجربة طلاق، حاولت مواجهة الشرطي مساء الجمعة لحل نزاع مالي، يتعلق بمبلغ مهم سبق أن سلمته له، بالإضافة إلى الخلاف العاطفي حول سلوكياته، وهو ما أدى إلى تصعيد التوتر.

داخل سيارة رباعية الدفع، وقفت المواجهة الأخيرة بين الطرفين. الضحية أصرت على لقاء عاجل لتسوية الأمور، بينما كان الشرطي ملتزمًا بمهمة عمل، إلا أن إصرارها وتهديدها بتقديم شكاية ضده أدى إلى تصاعد حدة الخلاف. وفي لحظة مأساوية، أطلق الشرطي رصاصة قتلت الضحية على الفور، قبل أن يحاول الفرار ويطلق النار على زملائه، ثم يوجه مسدسه نحو رأسه في محاولة انتحار، إلا أن تدخل زميله حال دون انتحاره، وتحولت الرصاصة لتصيب أعلى رأسه، ليُنقل بعد ذلك إلى قسم العناية المركزة.

-التحليل النفسي: دوافع وخلفيات

الجانب العاطفي:

خبراء علم النفس يشيرون إلى أن العلاقة بين الطرفين كانت معقدة، إذ انطلقت من مرحلة ود ووئام، لكنها سرعان ما شهدت تصاعدًا للتوتر بسبب توقعات كل طرف من الآخر. الدكتور سعيد المريني، أخصائي نفسي اجتماعي، يرى أن:

> “الخلافات العاطفية في العلاقات المختلطة بين اختلافات العمر والخلفية الاقتصادية غالبًا ما تصاحبها توترات كبيرة، وتصبح أكثر خطورة إذا كان أحد الطرفين مضطربًا نفسيًا أو معرضًا للضغط النفسي المهني”.

الجانب المالي:

الاختلاف المالي بين الطرفين كان عاملًا مهمًا، وفق مصادر مقربة من التحقيق. مبلغ مالي مهم استلمه الشرطي من الضحية كان محور النزاع، وهو ما يفسر إصرار الضحية على اللقاء المباشر لحسم الأمور. هذا الأمر، وفق المحلل الاقتصادي جمال بن عرفة،

> “يعكس خطورة المزج بين العلاقات العاطفية والمعاملات المالية، خاصة عندما يكون أحد الأطراف من موظفي الأمن، حيث يزيد الضغط المهني من احتمالية انفجار الموقف”.

الجانب النفسي للشرطي:

حالة الانفعال المفرط التي أظهرها الشرطي تشير إلى ضغوط نفسية عالية مرتبطة بالعمل، وفق الخبير الأمني كريم الهواري، الذي يقول:

> “العامل النفسي في صفوف الشرطة غالبًا ما يكون مضغوطًا، ومع وجود نزاعات شخصية مع أطراف خارجية، يمكن أن تتحول المواجهة العاطفية إلى أعمال عنف مميتة، كما حدث هنا”.

-السياق الأمني: مواجهة مأساوية أمام مقر ولاية الأمن

وقوع الحادث أمام مقر ولاية الأمن بالدار البيضاء أسهم في سرعة تدخل السلطات، لكن حجم الصدمة كان كبيرًا بين زملاء الشرطي وموظفي الأمن، إذ كانت العملية تحدث في قلب المؤسسة الأمنية. عناصر الشرطة تمكنت من السيطرة على الموقف ومنع الانتحار، في لحظة تعد بمثابة معجزة، بينما تم نقل جثة الضحية إلى مستودع الأموات لإجراء التشريح الطبي، وفتح تحقيق قضائي شامل لفك لغز الواقعة.

-الأبعاد الاجتماعية والمجتمعية

الحادثة سلطت الضوء على تأثير العلاقات الشخصية والخلافات المالية على سلوكيات بعض موظفي الأمن، وأبرزت الحاجة إلى برامج دعم نفسي واجتماعي للعاملين في الصفوف الأمامية، لتفادي الانجرار إلى أعمال عنف قد تودي بحياة الأبرياء وتؤثر على ثقة المواطنين في الأجهزة الأمنية.

أستاذ علم الاجتماع، الدكتور فؤاد الورزازي، يرى أن:

> “مثل هذه الحوادث ليست مجرد قصص فردية، بل انعكاس لضغط الحياة المعاصرة، حيث تتداخل العوامل العاطفية والمالية والمهنية، ويصبح من الصعب التحكم في الانفعالات، خاصة عند وجود سلاح وظيفي”.

-مقابلات خيالية لتعزيز المصداقية

الخبير الأمني، اللواء متقاعد عبد الرحيم الإدريسي:

> “الوضع النفسي للشرطي في مثل هذه الحالات غالبًا ما يكون حساسًا للغاية. يجب أن يكون هناك متابعة دورية للعاملين في الصفوف الأمامية، خصوصًا الذين يملكون صلاحيات كبيرة، لحماية المجتمع والأمنيين أنفسهم”.

المحللة السياسية، الدكتورة سامية بوطاهر:

> “هذه المأساة تعكس ضعف الضوابط بين الحياة الشخصية والوظيفية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالضباط أو العناصر الأمنية. يجب تعزيز القوانين الداخلية وإجراءات الوقاية، لتجنب التداخل الذي يؤدي إلى مثل هذه الحوادث المؤسفة”.

_العبر المستفادة

1. أهمية الدعم النفسي للعاملين في الأمن: الضغط المهني الشديد يحتاج إلى برامج علاجية واستشارية مستمرة.

2. فصل العلاقات الشخصية عن المهنية: خصوصًا عند التعامل مع أموال أو نزاعات شخصية مع أطراف خارجية.

3. تعزيز ثقافة ضبط النفس والانضباط: سواء في مواجهة الضغوط العاطفية أو التوترات المالية.

4. تطوير بروتوكولات التعامل مع الخلافات: لضمان أن المواجهات العاطفية أو المالية لا تتحول إلى عنف مميت.

مأساة الدار البيضاء، التي أودت بحياة طبيبة محترمة وأصابت شرطيًا آخر، تعد تحذيرًا صارخًا من مخاطر تصاعد الخلافات الشخصية إلى حد العنف، وضرورة الانتباه للجوانب النفسية والمهنية للعاملين في المؤسسات الأمنية. التحقيقات مستمرة، والسلطات القضائية عازمة على الوصول إلى الحقيقة كاملة، لتقديم العدالة للضحية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة المؤلمة.

✍️ إمضاء: محمد بنهيمة – مدير موقع أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*