—
بقلم: هيئة التحرير – قسم الرأي والتحقيق – أفريقيا بلوس ميديا
“من قصر الإعلام إلى خيمة التيه.. قصة إعلامي باع صوته للنظام الجزائري ثم صرخ طالبًا الغفران”
في مشهدٍ صادمٍ ومليءٍ بالندم، خرج الإعلامي المغربي السابق راضي الليلي بتصريح غير مسبوق، يعترف فيه بخطأ عمره بعد سنوات من الانخراط في المشروع الدعائي للنظام الجزائري، قائلاً بمرارة:
> “لقد تم التلاعب بي، لقد خدعني النظام الجزائري… لقد أصبحت متشردًا محتجزًا في مخيمات تندوف… كنت أعيش عيشة الملوك في الرباط بجانب أمي، لكن العسكر أغراني بدراهم معدودة… أطلب العفو من الملك.”
—من الأضواء إلى العزلة.. بداية السقوط
كان راضي الليلي يومًا من أبرز الوجوه الإعلامية على شاشة القناة الأولى المغربية. بصوته الهادئ وطلّته الوقورة، نال ثقة المشاهدين، واحتل مكانة محترمة في المشهد السمعي البصري الوطني.
لكن سرعان ما انقلبت الآية، حين اختار طريقًا محفوفًا بالمغامرة السياسية، متأثرًا بوعودٍ “خضراء” صُنعت له في دهاليز المخابرات الجزائرية، التي لطالما احترفت فنّ استقطاب الأصوات الناقمة وتحويلها إلى أدوات في حربها الإعلامية ضد المغرب.
—وهم البطولة الزائفة.. كيف سقط الإعلامي في الفخ؟
الليلي، الذي ظنّ أنه سيصبح “صوت المظلومين” في الخارج، وجد نفسه تدريجيًا داخل ماكينة دعايةٍ لا تعرف الرحمة.
وعوض أن يُسمح له بإبداء رأيه بحرية كما وعدوه، جُرّد من قراره، وصار ورقةً في يد أجهزةٍ تستغلّ كلّ من يهاجر بعاطفة أو غضب من وطنه.
لقد استُخدم اسمه لتجميل صورة “جمهورية الوهم” التي تُدار من تندوف، حيث لا دولة ولا مؤسسات، بل معسكرات تُحكم بالحديد والنار باسم “قضية” ماتت منذ عقود.
—الندم الصادق.. لحظة المواجهة مع الذات
تصريحه الأخير لم يكن عاديًا، بل كان صرخة رجلٍ أيقن أن الأوطان لا تُباع، وأن من يخون بلده لن يجد وطنًا بديلًا يحتضنه.
حين قال الليلي: “كنت أعيش عيشة الملوك في الرباط بجانب أمي”، كان يعترف ضمنيًا بأنه خسر كل شيء — الأسرة، الكرامة، والهوية.
لقد تحوّل من إعلاميٍّ يحظى بالتقدير إلى شخصٍ يعيش التهميش والإذلال في أرضٍ غريبة، لا تعرف معنى الوفاء لمن خدمها.
—الجزائر.. صناعة الوهم ثم التخلّي عن الضحايا
قصة الليلي ليست استثناءً، بل جزء من مسلسل طويل دأب النظام الجزائري على إنتاجه ضد المغرب.
منذ عقود، يستخدم هذا النظام أسلوب “التوظيف المؤقت” لأي صوت مغربي ناقم أو مختلف، فيقدّم له المال والمنابر، ثم يرميه عند أول خلاف أو ملل.
لقد وقع راضي الليلي ضحية هذا السيناريو، كما وقع قبله العشرات ممن باعوا أوهامهم للنظام العسكري، ليكتشفوا لاحقًا أن الجزائر لا تُكرم الخونة، بل تستعملهم ثم تتخلّى عنهم في صمت.
—العفو من الملك.. نداء يلامس الوجدان المغربي
حين قال الليلي: “أطلب العفو من الملك”، بدا وكأنه يحاول استعادة آخر خيط يربطه بالمغرب.
فهو يعلم أن المؤسسة الملكية لطالما كانت عنوان التسامح والعفو، خصوصًا حين يكون الندم صادقًا والنية خالصة.
لقد كانت كلماته مؤثرة لأنها خرجت من قلبٍ أنهكته الغربة والخداع، ولأنها لامست وجدان ملايين المغاربة الذين يميّزون بين من أخطأ بدافع الانفعال ومن باع وطنه عن سبق إصرار.
—المغرب.. وطن لا ينسى أبناءه
في النهاية، تبقى قصة راضي الليلي درسًا مؤلمًا لكل من يظن أن المال يمكن أن يعوّض الوطن، أو أن الخيانة طريقٌ إلى المجد.
فالمغرب، برعاية قيادته الرشيدة، لا يُغلق بابه في وجه أبنائه التائبين، بل يحتضنهم متى عادوا بصدقٍ واعترافٍ بالخطأ.
أما النظام الجزائري، فقد أثبت من جديد أنه لا يعرف سوى لغة الاستغلال والدمى، وأنه لا يتقن سوى “صناعة الخيانة” وتصدير الأوهام.
من رحم الندم يولد الوعي، ومن ظلمة الخداع يسطع نور الحقيقة.
وراضي الليلي، رغم كل ما حدث، ربما يكون اليوم أقرب إلى ذاته وأكثر صدقًا من أي وقت مضى.
لقد قالها بصوتٍ مرتجف: “خدعني النظام الجزائري… كنت ملكًا في الرباط، فأصبحت متشردًا في تندوف.”
كلمات تختصر مأساة “الخيانة المغشوشة” وتعيد رسم خريطة الولاء في زمنٍ فقد فيه البعض البوصلة.
بقلم: محمد بنهيمة – مدير موقع أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة
قم بكتابة اول تعليق