بقلم: ✍️ محمد بنهيمة – مدير موقع أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة
المقال:
في كل خبر عاجل يُبث على شاشات التلفزيون، وفي كل مقطع يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي، يقف المراسل الصحفي، يراقب الحدث، ينقل الحقيقة، ويتحدى المخاطر اليومية. ورغم أهمية دوره الحيوي في إعلام المجتمع، فإن الصحفيين الميدانيين في المغرب يواجهون ظروف عمل قاسية تجعل حياتهم المهنية وحتى الشخصية على المحك.
_الوضع القانوني: الصحفي بلا حماية
العديد من المراسلين يعملون دون عقود واضحة أو حماية قانونية، ما يجعلهم عرضة للمساءلة الفردية أثناء تغطية الأحداث الساخنة أو الاحتجاجات. إحدى الصحفيات الميدانيات قالت:
“خصهم يشوفوا من حال هذ الناس ويصوبوا ليهم وضعيتهم القانونية والمادية”
هذه الكلمات تلخص شعور المراسلين بالإهمال من الجهات الرسمية، إذ يضطرون للقيام بمهامهم في ظروف قانونية غامضة، دون ضمانات أو حمايات، مما يزيد من المخاطر المهنية والنفسية.
ويشير تقرير صادر عن جمعية الصحفيين المغاربة إلى أن حوالي 40٪ من المراسلين لا يمتلكون عقود عمل رسمية، ويعملون على أساس اتفاقيات غير مكتوبة أو مهام مؤقتة. هذا الواقع يجعلهم فريسة سهلة لأي اتهام أو مطالبة قانونية في حالات الطوارئ.
_الوضع المادي: أجور متدنية وظروف معيشية صعبة
إلى جانب التحديات القانونية، يواجه المراسلون ضغوطًا مالية كبيرة. أجور غير مستقرة، تأخيرات في الرواتب، وعدم وجود دعم مالي في حالات الطوارئ يجعل حياة الصحفيين اليومية مليئة بالقلق.
أحد المراسلين الذين رفضوا ذكر أسمائهم أوضح:
“نعمل لساعات طويلة، ونتعرض لمخاطر كبيرة في الميدان، ومع ذلك نعود إلى منازلنا بلا أي ضمان مالي. أحيانًا لا نجد سوى القليل لتغطية حاجياتنا الأساسية.”
هذه المعاناة المادية تجعل الصحفيين يفكرون في ترك المهنة أو البحث عن وظائف أكثر أمانًا واستقرارًا، ما يضعف القدرة الإعلامية على تغطية الأحداث بموضوعية ويؤثر على مستوى المصداقية لدى الجمهور.
_التحديات المهنية اليومية
المراسلون المغاربة يواجهون مخاطر جسدية ونفسية كبيرة أثناء أداء مهامهم. تغطية الاحتجاجات، النزاعات، الكوارث الطبيعية، وحتى المؤتمرات الساخنة، تتطلب حضورًا دائمًا واستجابة سريعة، وغالبًا بدون أي دعم أمني أو تجهيزات ملائمة.
في إحدى الحالات الواقعية، تعرض مراسل ميداني لإصابة خلال تغطيته لمظاهرة احتجاجية على قرارات حكومية، بسبب غياب التنسيق مع السلطات وعدم وجود معدات حماية.
كما يشير خبراء الإعلام إلى أن غياب التدريب الكافي يجعل الصحفيين أقل استعدادًا للتعامل مع المخاطر، مثل الحرائق أو التدافع الجماهيري، أو حتى التهديدات المباشرة من أطراف متضررة من التغطية الإعلامية.
_شهادات حية من الميدان
أمل، مراسلة تلفزيونية:
“أحيانًا أشعر بأننا نسير على حافة الخطر بلا أي حماية. الناس في الشارع يروننا كأننا مجرد كاميرات، لكننا بشر نتألم ونتعرض للأذى.”
احمد الشرفي، مراسل صحفي:
“أتعرض أحيانًا للتهديدات من أطراف معينة لا تريد أن تنكشف أخطاؤها. دون حماية قانونية أو دعم النقابة، أشعر بالعزلة والخطر المستمر.”
هند عجبة المسؤولة عن مراسلي جريدة الواجهة، صحفية ميدانية:
“حتى معداتنا محدودة، ولا توجد برامج تأمين أو دعم صحي. إذا أصبنا أثناء العمل، غالبًا ما نجد أنفسنا وحدنا.”
هذه الشهادات تعكس واقع المراسلين الذين يعيشون بين الإهمال والمخاطر اليومية، حيث تصبح مهمتهم أكثر صعوبة من مجرد نقل الأخبار، لتصبح معركة للبقاء والأمان والكرامة المهنية.
_واقع المراسل المغربي بين العناوين المستفزة
في الواقع، يواجه المراسل المغربي تحديات يومية تجعل حياته المهنية تحت النار: حقوق مهدورة وحياة على المحك! ففي ظل ظروف العمل الصعبة، يجد الصحفي نفسه دائمًا بين الإهمال والخطر، يدفع ثمن نقل الحقيقة. الكثيرون منهم يعيشون أجورًا متدنية وحماية معدومة، فلا يُسمع صوتهم ولا تُسمع مطالبهم. الإعلام في المغرب أصبح مجالًا مكلفًا، حيث الحقيقة تُدفع مقابلها المخاطر، والمراسلون يدفعون الثمن شخصيًا.
تغطية الأخبار تحولت في بعض الأحيان إلى مغامرة قاتلة، إذ يجد المراسل نفسه بين الإهمال والتهديد، مع حقوق مفقودة ومخاطر متصاعدة تشكل صرخة يومية من الميدان. الصحفيون غالبًا ما يكونون بين المطرقة والسندان، مطالبين بحقوق مشروعة بلا استجابة، ويجدون أنفسهم في مواجهة الخطر والعزوف عن المهنة، في ظل غياب الحماية والأجور المزرية، مأساة حقيقية للمراسل المغربي.
ومع استمرار هذه الظروف، يصبح المراسل في خطر مستمر، فمن يغطيه من الدولة والمؤسسات؟، فتتحول حياة المراسل إلى لعبة خطيرة، حقوق مهدورة وظروف قاتلة، ويظل الإعلام بلا حماية، حيث الصحفيون المغاربة على خط النار. فالتحديات اليومية تشمل تغطية الحقيقة بمخاطر الحياة، حيث المراسل بين الظلم والتجاهل، ليبقى الصحافة في المغرب رسل الحقيقة دون أي حماية، ولتظل أصوات المراسلين المغاربة مفقودة بين الفقر والخطر.
_الحلول المقترحة لتحسين وضعية المراسلين
من أجل حماية المراسلين وضمان قدرتهم على القيام بدورهم الإعلامي بفعالية، يمكن اقتراح عدة خطوات عملية:
1. تحسين الوضع القانوني:
إصدار قوانين واضحة تحمي الصحفي أثناء أداء مهامه.
تحديد حقوق وواجبات المراسلين، وضمان محاسبة كل من يعيق عملهم.
2. تحسين الوضع المادي:
توفير أجور ثابتة وعادلة تتناسب مع المخاطر والجهد المبذول.
دعم مالي في حالات الطوارئ، مع برامج للضمان الاجتماعي والصحي.
3. توفير التدريب والحماية:
برامج تدريبية للتعامل مع المخاطر الميدانية.
تزويد المراسلين بمعدات حماية شخصية ومعدات طبية أولية.
4. تفعيل الدعم المؤسساتي:
تعزيز دور النقابات والجمعيات المهنية في الدفاع عن حقوق المراسلين.
إنشاء خطوط اتصال مباشرة بين الصحفيين والجهات الرسمية لتقديم المساعدة عند الحاجة.
تأثير تجاهل مشاكل المراسلين على الإعلام والمجتمع
إهمال وضعية المراسلين لا يضرهم فقط، بل يمتد تأثيره إلى المجتمع بأسره. صحافة غير محمية أو غير مستقرة تهدد نزاهة المعلومات، وتقلل من قدرة الإعلام على نقل الحقيقة بموضوعية.
غالبًا ما يؤدي ضعف الدعم للصحفيين إلى الرقابة الذاتية، حيث يضطر المراسل لتجنب بعض الأخبار أو التضحية بجودة التغطية خوفًا من المخاطر القانونية أو المالية.
المراسل المغربي هو عين المجتمع ومرآة الحقيقة، لكن استمرار رسالته وتأثيرها يعتمد على استقرار وضعه القانوني والمادي وحمايته المهنية. تجاهل هذه الجوانب لا يضر الصحفي وحده، بل ينعكس سلبًا على الإعلام والمجتمع ككل.
إن الدعوة لكل الجهات الرسمية والإعلامية أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى: إعادة النظر في وضعية المراسلين، تأمين حقوقهم وحمايتهم، وضمان إعلام حر وآمن يعكس الحقيقة بكل مصداقية.
—✍️إمضاء: محمد بنهيمة – خاص بموقع أفريقيا بلوس ميديا
قم بكتابة اول تعليق