المجنون مسخوط مو جيراندو.. من أوهام الشهرة إلى هدم الوطن الرقمي

محمد بنهيمة – مدير موقع أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة

في عصر يتسم بتسارع الفوضى الرقمية وانتشار المعلومات المضللة، باتت بعض الشخصيات نموذجًا صارخًا للانحراف في المشهد الإعلامي الرقمي. من بين هؤلاء يبرز اسم هشام جيراندو، الذي حوّل أوهامه الشخصية إلى مسرح إعلامي افتراضي، محاولة منه لابتزاز الانتباه وبناء هوية وهمية كـ”محلل شجاع” يفضح الأسرار من الخارج. إلا أن هذا الأداء، بعيدًا عن الشجاعة، يكشف هشاشة محتواه وفقدانه لأي مصداقية حقيقية.

—1. من هو هشام جيراندو؟ بين المنفى والخيال الرقي

جيراندو اختار كندا كمنفى اختياري، بعيدًا عن وطنه المغرب، ليصنع لنفسه منصة رقمية يطلق من خلالها سلسلة لا تنتهي من الادعاءات والتكهنات. يظهر نفسه كمنقذ رقمي يفضح مؤامرات وأسرار الدولة، لكنه في الواقع مجرد صوت فارغ يكرر نفس الأكاذيب بأساليب مختلفة.

على مدار السنوات الماضية، تناوب بين نشر ادعاءات حول حرب الأجنحة داخل الدولة، ثم تحول فجأة للحديث عن الصراع على المال والامتيازات، في تناقض صارخ يفضح افتقاده لأي قاعدة حقيقية لعمله.

—2. استراتيجية الوهم: الشهرة بأي ثمن

هيرمان كاهنات وصف “الشهرة بأي ثمن” بأنها داء العصر الرقمي، وجيراندو يمثل نموذجًا مثاليًا لذلك. أسلوبه يقوم على ثلاثة محاور رئيسية:

1. إعادة تدوير الأكاذيب: استخدام نفس القصص القديمة بصيغ جديدة لإيهام الجمهور بالتحليل.

2. التهويل المستمر: تصوير المغرب كمسرح للفوضى وتشويه مؤسسات الأمن الوطنية.

3. البطولة المزيفة: تقديم نفسه كبطل رقمي يقف ضد “الأكاذيب التي يفرضها النظام”، في حين هو في واقع الأمر يقف ضد وطنه.

هذه الاستراتيجية لم تعد تجدي نفعًا، فالمغاربة أصبحوا أكثر وعيًا ويميزون بين من يبني ومن يهدم.

—3. تأثير الفوضى الرقمية على الرأي العام

الرقمية جعلت من كل فرد محتمل ناشرًا أو “خبيرًا”، لكن في حالة جيراندو، كان الأثر سلبيًا بدرجة كبيرة. محاولاته المستمرة لنشر الذعر والتشكيك حول مؤسسات الدولة كانت جزءًا من اختبار مدى انبهار الجمهور بالمعلومات المغلوطة، لكنها اصطدمت بعقلية المواطن المغربي الذي يدرك قوة مؤسسات بلاده، ولا ينخدع بسهولة بالأقوال الرنانة.

—4. التناقضات تكشف الحقيقة

أحد أبرز سمات جيراندو هو التناقض المستمر في رواياته:

يومًا يروّج لصراع الأجنحة داخل الدولة، وكأنه يرسم صورة لحرب داخلية.

يومًا آخر يعلن أن الصراع ليس على السلطة، بل على المال.

كل تصريح جديد يبدو وكأنه إعادة تدوير للقديم، مع تغيير بسيط لإيهام المتابعين بتجديد التحليل.

هذه التناقضات تكشف أن الرجل لا يبحث عن الحقيقة، بل عن ضجيج إعلامي يرفع من شعبيته الافتراضية، وهو ما يثبت هشاشته المهنية ويقوض أي مصداقية له.

—5. صمود الوطن والمواطن أمام التهويل

المغاربة تعلموا التمييز بين الانتقاد البناء والتهويل المغرض. المحاولات المتكررة لجيراندو لإضعاف ثقة المواطنين في مؤسساتهم الأمنية أو التشكيك في استقرار الوطن لم تنجح، بل كانت فرصة لإظهار الوطنية والوعي الجماعي.

المغرب دولة مؤسسات، يقودها ملك حريص على الاستقرار والتنمية، وقد أثبت التاريخ أن الأكاذيب الرقمية مهما تكررت، لا يمكن أن تهز عرى الوطن.

—6. الدرس الذي لم يتعلمه جيراندو

جيراندو، الذي أُدين سابقًا في قضايا ابتزاز وتشهير، لم يستفد من تجاربه الماضية. استمرار نشر الأكاذيب يعكس فراغه المهني وهوسه بالظهور. كل تصريح، كل “سبق” مزعوم، هو دليل إضافي على أنه فقد مصداقيته، وأن المحتوى الذي يقدمه لا يمثل سوى صوت الفراغ الرقمي.

—7. نهاية مشروع وهمي

صوته اليوم لم يعد يسمعه إلا قلة من المتعطشين للفتنة، ولم تعد منصاته تجد من يتفاعل معها بشكل جدي. بينما الشعب المغربي تجاوز مرحلة الانبهار بالكلام الفارغ، وأصبح يميز بين من يبني الوطن ومن يسعى لهدمه.

حين يسقط تجار الأكاذيب من أبراج وهمهم، يبقى الوطن شامخًا، صامدًا، ومستمرًا في مساره التنموي بثقة وإصرار، تاركًا خلفه صراخ الفراغ الرقمي لأولئك الذين لم يتعلموا أن الأكاذيب لا تصنع البطولة، وأن الشهرة على حساب الوطن نهايتها الخيبة.

—الحقيقة أقوى من الوهم

جيراندو مثال حي على كيف يمكن للوهم الرقمي أن يخلق ضجيجًا قصير المدى، لكنه عاجز عن إنتاج أي أثر إيجابي. الحقيقة والمصداقية هي وحدها التي تصنع الاحترام والثقة، والوطن ليس مسرحًا لتجارب المرضى النفسيين الباحثين عن الشهرة. المغرب مستقر، ومؤسساته قوية، والمواطنون واعون. وكل محاولة للتهويل واللعب على أوهام الناس ستفشل، لأن الواقع أكبر وأقوى من كل الأكاذيب.

✍️ بقلم: محمد بنهيمة
مدير جريدة أفريقيا بلوس ميديا بالنيابة

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*