في عالم الإعلام اليوم، حيث تتسارع الأحداث وتتكاثر المنصات الرقمية، نجد أنفسنا أمام مشهد متناقض: بعض الإعلاميين يطلقون العنان لألسنتهم دون تفكير أو ضوابط، وكأن كلماتهم تطير في الفضاء بلا وزن أو عواقب. هذه التصريحات، خصوصاً حين تُعرض على شاشات التلفزة أو في مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل، قد تبدو للوهلة الأولى مجرد آراء شخصية، لكنها في الحقيقة تحمل أثراً مجتمعياً كبيراً، وقد تضر بصورة المؤسسات التي تنتمي إليها، وخاصة الصحافة والأجهزة الأمنية.
الإعلام مسؤولية، والكلمة عند الصحفي ليست مجرد صوت يُسمع، بل فعل له انعكاسات حقيقية على المجتمع. للأسف، نشاهد أحياناً من أصفهم بـ “خريجي معاهد الحقد”، يساهمون بشكل غير مباشر في تشويه سمعة الأجهزة الأمنية، ويضرون بصورة الصحافة النزيهة التي تسعى لنقل الحقيقة بشفافية وموضوعية. كلمات غير مدروسة، نشر مغالطات، أو الترويج لأجندات شخصية، كل هذا ينعكس سلباً على الثقة بين المجتمع والمؤسسات.
في المقابل، هناك صحفيون ملتزمون بمعايير المهنة، يتحلون بالمصداقية والمسؤولية. هم الذين يقومون بالتحقق من الأخبار قبل نشرها، ويحرصون على تقديم المعلومة بدقة وموضوعية. هؤلاء هم الوجه الحقيقي للصحافة المسؤولة، التي تؤمن بأن الكلمة رسالة وليست مجرد محتوى يُبث بلا هدف.
في ظل هذه الفوضى الإعلامية، من الضروري أن يكون هناك رقابة ذاتية ووعي بمسؤولية الإعلاميين تجاه المجتمع. الأجهزة الأمنية، التي تضحي بأوقاتها وجهدها لحماية الوطن والمواطن، والصحافة الجادة، التي تسعى لنقل الحقيقة بكل أمانة، تستحقان الاحترام والتقدير، لا التشويه والتقليل من قيمتهما بفعل كلمات غير مسؤولة.
الكلمة سلاح، والإعلام منصة، والمسؤولية تحتم علينا أن نميز بين من يستعمل هذه المنصات لخدمة المجتمع، ومن يحرفها لنشر الفتنة والمغالطات. الصحافة رسالة، والأمانة المهنية شرط أساسي فيها، وكل من يحمل الميكروفون أو يمتلك القدرة على البث يجب أن يتحمل عواقب كلماته بكل جدية.
قم بكتابة اول تعليق